فصل: الشاهد السادس والسبعون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.مسير الصالح أيوب إلى دمشق أولا وثانيا وحصار حمص وما كان مع ذلك من الأحداث.

ثم بعث الصالح حسم الدين الهدباني من دمشق وولى مكانه عليها جمال الدين بن مطروح ثم سار إلى دمشق سنة خمس وأربعين واستخلف الهدباني على مصر ولما وصل إلى دمشق جهز فخر الدين بن الشيخ بالعساكر إلى عسقلان وطبرية فحاصرهما مدة وفتحها من يد الإفرنج ووفد على الصالح بدمشق المنصور صاحب حماة وكان أبوه المظفر توفي سنة ثلاث وأربعين وولى المنصور ابنه هذا واسمه محمد ووفد أيضا الأشرف موسى صاحب حمص وقد كان أبوه إبراهيم المنصور توفي سنة أربع وأربعين قبلها بدمشق وهو ذاهب إلى مصر وافدا على الصالح أيوب وأقام بحمص ابنه مظفر الدين موسى ولقب الأشرف وجاءت عساكر حلب سنة ست وأربعين مع لؤلؤ الأرمني وحصروا مصر شهرين وملكوها من يد موسى الأشرف وأعاضوه عنها تل باشر من قلاع حلب مضافة إلى الرحبة وتدمر وكانتا بيده مع حمص وغضب لذلك الصالح فسار من مصر إلى دمشق وجهز العساكر إلى حمص مع حسام الدين الهدباني وفخر الدين بن الشيخ فحاصروا مصر مدة وجاء رسول الخليفة المستعصم إلى الصالح أيوب شافعا فأفرج العساكر عنها وولى على دمشق جمال الدين يغمور وعزل ابن مطروح والله تعالى أعلم.

.استيلاء الإفرنج على دمياط.

كانت إفرنسة أمة عظيمة من الإفرنج والظاهر أنهم أصل الإفرنج وأن إفرنسة هي إفرنجة إنقلبت السيز بها جيما عندما عربتها العرب وكان ملكها من أعظم ملوكهم لذلك العصر ويسمونه ري الإفرنس ومعنى ري لغتهم ملك إفرنس فاعتزم هذا الملك على سواحل الشام وسار لذلك كما من قبله من ملوكهم وكان ملكه قد استفحل فركب البحر إلى قبرص في خمسين ألف مقاتل وشتى بها ثم عبر سنة سبع وأربعين إلى دمياط وبها بنو كنانة أنزلهم الصالح بها حامية فلما رأوا ما لا قبل لهم به أجفلوا عنها فملكها ري إفرنس وبلغ الخبر إلى الصالح وهو بدمشق وعساكره نازلة بحمص فكر راجعا إلى مصر وقدم فخر الدين بن الشيخ أتابك عساكره ووصل بعده فنزل المنصورة وقد أصابه بالطريق وعك واشتد عليه والله تعالى أعلم.

.استيلاء الصالح على الكرك.

كان بين الصالح أيوب وبين الناصر داود ابن عمه المعظم من العداوة ما تقدم وقد ذكرنا اعتقال الناصر له بالكرك فلما ملك الصالح دمشق بعث العساكر مع أتابكة فخر الدين يوسف ابن الشيخ لحصار الكرك وكان أخوه العادل اعتقله وأطلقه الصالح وألزمه بيته ثم جهزه لحصار الكرك فسار إليها سنة أربع وأربعين وحاصرها وملك سائر أعمالها وخرب نواحيها وسار الناصر من الكرك إلى الناصر يوسف صاحب حلب مستجيرا به بعد أن بعث بذخيرته إلى المستعصم وكتب له خطه بوصولها وكان قد استخلاف على الكرك عندما سار إلى حلب ابنه الأصغر عيسى ولقبه المعظم فغضب أخواه الأكبران الأمجد حسن والظاهر شادي فقبضا على أخيهما عيسى ووفدا على الصالح سنة ست وأربعين وهو بالمنصورة قبالة الإفرنج فملك الكرك والشويك منهما وولى عليهما بدرا الصواي وأقطعهما بالديار المصرية والله سبحانه وتعالى أعلم.

.وفاة الصالح أيوب صاحب مصر والشام وسيد ملوك الترك بمصر وولاية ابنه تورانشاه وهزيمة الإفرنج وأسر ملكهم.

ثم توفي الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل سنة سبع وأربعين بمكانه من المنصورة قبالة الإفرنج وخشي أهل الدولة من الإفرنج فكتموا موته وقامت أم ولده شجرة الدر بالأمر وجمعت الأمراء وسيروا بالخبر إلى حسام الدين الهدباني بمصر فجمع الأمراء وقوى جاشهم واستحلفهم وأرسل الأتابك فخر الدين بن الشيخ بالخبر إلى المعظم تورانشاه بن الصالح واستدعاه من مكان إمارته بحصن كيفا ثم انتشر خبر الوفاة وبلغ الإفرنج فشرهوا إلى قتال المسلمين ودلفوا إلى المعسكر فانكشف المسلمون وقتلوا الأتابك فخر الدين ثم أتاح الله الكرة للمسلمين وانهزم الإفرنج ووصل المعظم تورانشاه من مكانه بحصن كيفا لثلاثة أشهر أو تزيد فبايعه المسلمون واجتمعوا عليه واشتدوا في قتال الإفرنج وغلبت أساطيلهم أساطيل العدو وسال الإفرنج في الإفراج عن دمياط على أن يعاضوا بالقدس فلم يجبهم المسلمون إلى ذلك وسارت سرايا المسلمين من حولهم وفيما بين معسكرهم وبين دمياط فرحلوا راجعين إليها وأتبعهم المسلمون فأدركهم الدهش وانهزموا وأسر ملكهم ري إفرنس وهو المعروف بالفرنسيس وقتل منهم أكثر من ثلاثين ألفا واعتقل الفرنسيس بالدار المعروفة بفحر الدين بن لقمان ووكل بها الخادم صبيح المعظمي ثم رحل المعظم بعساكر المسلمين راجعا إلى مصر والله تعالى أعلم.